فصل: تفسير الآية رقم (228):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تيسير التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (224- 225):

{وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225)}
العرضة: المانع. اللغو: ما يقع من غير قصد.
ولا تجعلوا الحلف بالله مانعاً لكم من عمل الخير والتقوى الاصلاح بين الناس، فاذا حلفتم الا تفعلوا، فكفّروا عن أيمانكم وأتوا الخير، لأن عمل البر أولى من المحافظة على اليمين. فالله لا يرضى ان يكون اسمه حجاباً دون الخير.
وكثيرا ما يتسرع الإنسان إلى الحلف بالله بأن لايفعل كذا ويكون خيرا، أو ان يفعل كذا ويكونُ شرا، فنهانا الله عن ذلك. وقدج ثبت في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري انه قال: «اني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها الا أتيت الذي هو خير وتحللتُها»، وروى مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله: «من حلف يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفِّر عن يمينه وليفعل الذي هو خير».
ورأى بعض المفسرين في الآية معنى آخر، وهو النهي عن الجرأة على الله تعالى بكثرة الحلف به، وذلك أن مَن أكثرَ من ذكر شيء في معنى خاص فقد جعله عرضة.
{لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو في أَيْمَانِكُمْ}: أي لا يؤاخذكم بما يقع منكم من الأيمان اثناء الكلام دون ان تقصدوا به عقد اليمين.. فلا كفارة عليكم فيه، شأن كثير من المزاح. ومِثلُه ان يحلف على الشيء يظنّه ثم يظهر خِلافه، أو يحلف وهو غضبان. ولكنْ يؤاخذكم الله بما نويتم من اليمين على ايقاع فعل أو عدم ايقاعه، وعلى الكذب في القول مع التوثيق باليمين، لهذا عليه الكفارة.. حتى لا تجعلوا اسمه الكريم عرضة للابتذال. والله عفور لمن يتوب، حليم يعفو عما لا تكتسبه القلوب.

.تفسير الآيات (226- 227):

{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}
يؤلون: يحلفون، آلى يؤلي ايلاءً. عزموا الطملاق: صمَّموا في قصده.
للذين يحلفون ان لا يقربوا نساءهم ان ينتظروا اربعة أشهر، فان رجعوا إلى نسائهم وحنثوا في اليمين اثناء هذه المدة فان الله يغفر لهم، وعليهم الكفّارة. ان عزموا على الطلاق فان الله سميع لحلفهم وطلاقهم.
والخلاصة: إن من حلف على ترك إتيان امرأته، لا يجوز له ان يمكث أكثر من أربعة أشهر، فإن عاد اليها قبل انقضاء المدة لم يكن عليه اثم، وان أتمها تعيّن عليه أجد امرين: الرجوع إلى المعاشرة الزوجية أو الطلاق. وعليه ان يراقب الله فيما يختاره منهما، فان لم يطلِّق بالقول كان مطلِّقا بالفعل، أي انها تطلق منه بعد انتهاء تلك المدة رغم انفه. فاذا كانت المدة أقل من اربعة أشهر فلا يلزمه شيء. وقد فضّل الله تعالى الفيئة، أي الرجوع، على الطلاق، وجعل جزاءها المغفرة منه.
وقد كانت هذه العادة من ضرار أهل الجاهلية، كان الرجل لا يحب امرأته ولا يحب ان يتزوجها غيره، فيحلف ألا يقربها أبدا، ويتركها لا هي مطلّقة ولا ذات بعل. وكان المسلمون في ابتداء الإسلام يفعلون هذا فأزال الله ذلك الضرر عنهم بهذه الآية.

.تفسير الآية رقم (228):

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)}
التربص: الانتظار. القرء: الحيض أو الطهر من الحيض. بعولة: جمع بعل وهو الزوج.
وعلى المطلقات اللاتي دخل بهنّ أزواجهن ان ينتظرن ثلاثة حيضات لا يجوز للمرأة منهنّ ان تتزوج قبل انقضائها، وهي العدة. والحكمة في ذلك هي التأكيد من أنها ليست ذات حمل. ولا يجوز لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن من الاولاد، أو دم الحيض.. ذلك ان بعض المطلقات يدّعين ان مدة الحيض طالت فيطالبن بالنفقة عن تلك المدة.
وكانت المرأة في الجاهلية قد تتزوج بعد طلاقها دون ان تنتظر العدة، ثم يظهر انها حبلى من الاول، فتُلحق الولد بالثاني.. وفي هذا اختلاط الأنساب وضياع لحقوق الناس. فلما جاء الإسلام حرّم هذا وشدّد في ذلك بقوله: {إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله واليوم الآخر} أي إذا كن صادقات في الايمان بالله واليوم الآخر.
والأزواج أحقّ من غيرهم في ارجاع مطلقاتهم اليهم قبل انقضاء العدة إذا قصدوا الاصلاح وحسن المعاشرة. أما إذا قصدوا الإضرار بالمرأة ومنعها من التزوج حتى تبقى كالمعلّقة، فلا، ويكون الزوج آثماً عند الله.
{وَلَهُنَّ مِثْلُ الذي عَلَيْهِنَّ بالمعروف...} ان للرجال والنساء حقوقا الواحد منهم تجاه الآخر وعليهم وعليهن واجبات. {وبالمعروف} تعني ان هذه الحقوق والواجبات موكولة إلى اصطلاح ما يجري عليه العرف بينهم وما تعارفوا عليه من آداب وعادات. وقد أجمل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الحقوق عندما قضى بين ابنته فاطمة وزوجها عليّ، حيث قضى عليها بخدمة البيت، وعليه بماكان في خارجه من الأعمال.
وهذا ما تحكم به الفطرة في توزيع الأعمال بين الزوجين، فعلى المرأة تدبير شؤون المنزل وعلى الرجل السعي والكسب في خارجه. ولا يمنع هذا من استعانة أي منهما بالخدم ولا من مساعدة كل منهما للآخر.
أما قوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} فقد فسرتها الآية الواردة في سورة النساء: {الرجال قَوَّامُونَ عَلَى النسآء بِمَا فَضَّلَ الله بَعْضَهُمْ على بَعْضٍ وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. فهذه الدرجة هي الرياسة ومسؤولية القيام على المصالح، والانفاق على الأسرة.
ان الحياة الزوجية تقتضي وجود مسؤول يُرجع اليه عند اختلاف الآراء والرغبات حتى لا يعمل كلٌّ ضد الآخر، فتنفَصِم عروة الوحدة الجامعة. والرجل هو الأحق بذلك.
{والله عَزِيزٌ حَكِيمٌ} فمن عزّته ان أعطى المرأة مثل ما اعطى الرجل من الحقوق بعد أن كانت كالمتاع لدى جميع الأمم. إنه هو الذي رفعها عما كانت عليه في كل شريعة من الشرائع الماضية. فلقد كانت المرأة عند الرومان مثلاً أمَة في بيت زوجها عليها واجبات، وليس لها حقوق.
ويرى الاستاذ سيد قطب ان هذه الدرحة مقيدة في هذا السياق بحق الرجل في هذا الموضع، وليست مطلقة الدلالة، كما يفهمها الكثيرون، ويستشهدون بها في غير موضعها.

.تفسير الآية رقم (229):

{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)}
الامساك بالمعروف: إن يرجع زوجته بقصد المعاشرة الحسنة. افتدت: أي دفعت عن نفسها فدية لتخلصها بها، حدود الله: احكامه. الاعتداء: تجاوز الحد.
شُرع الطلاق في الإسلام حينما تشتد الخصومة بين الزوجين إلى حد لا يتجدي فيه محاولة الاصلاح. وقد عُرف الطلاق من قديم، فكان للمرأة عند العرب في جاهليتهم طلاق وعدة ومراجعة في العدة. لكنه لم يكن للطلاق حد ولا عدد، فكان الرجل يطلق زوجته ثم يطلقها إلى غير حد. تطليق فمراجعة ثم تطليق فمراجعة وهكذا، لا يتركها لتتزج غيره فتستريح ولا يثوب إلى رشده فحيسن عشرتها، وانما يتخذها ألعوبة في يده.
فأنزل الله تعالى: {الطلاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} والمعنى ان الطلاق المشروع، عند تحقق ما يبيحه، يكون على مرتين، مرة بعد رمة. فاذا ما طلق الرجل زوجته المرة الأولى أو الثانية كان عليه إما ردّها إلى عصمته مع احسان عشرتها، وهذا هو الامساك بالمعروف، وإما ان يتركها تنقضي عدتها وتنقطع علاقتها به، وذلك هو التسريح بالاحسان. فان عاد الزوج بعد أن راجعها من الطلاق الثان وطلقها ثالثة حرمت عليه، حتى تتزوج من غيره ويطلقها الأخير وتنقضي عدتها منه. بذلك تكون المدة التي انفصل عنها الأول فيها لا تقل عن ستة أشهر، وبعد ذلك يجوز له ان يتزوجها ان ارادت.
{وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً...} الآية لا يحل للرجل ان يسترد شيئاً من صداقٍ أو نفقة أنفقها على زوجته في مقابل طلاقها، ما لم تجد هي أنها كارهة لا تطيق عشرته وتخاف معه ان تخرج عن حدود الله، فهنا يجوز لها ان تطلب الطلاق مه، وان تعوضه عن تحطيم بيته. وذلك بأن ترد المهر الذي دفعه لها أو بعض النفقة عليها أو كلها.
وهكذا يراعى الاسلا م جميع الحالات الواقعية التي تعرض للناس، ويراعى مشاعر القلوب التي لا حيلة للإنسان فيها، ولا يجبر الزوجة على حياة تنفر منها. وفي الوقت ذاته لا يضيع على لرجل ماله بلا ذنب جناه.
وأول حادث حدث في الإسلام من هذا القبيل أن جميلة بنت أُبَيّ بن سلول كانت زوجة لثابت بن قيس، وقد جاءت إلى رسول الله وقالت له: يا رسول الله، لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا، إاني رفعت جانب الخباء، فرأيته أقبلَ في عندة من الرجال فاذا هو أشدّهم سواداً وأقصرهم قامة، وأقبحشهم وجها. وقال ثابت: يا رسول الله، إني أعطيتها أفضل مالي، حديقة، فلترد على حديقتي. قال: ما تقولين؟ قالت: نعم، وان شاء زدته. ففرق النبي بينهما. وهذا معنى قوله تعالى: {أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله} وهو ان يظهر من المرأة سوء الخلق والعشرة لزوجها، فإذا ظهر ذلك حلّ له ان يأخذ ما اعطته من فدية على فراقها.
هذا ما سماه الفقهاء (خلعا) وهو طلاق، عدته كعدته.
تلك حدود الله، أوامره ونواهيه، فلا تتجاوزوا ما أحلّه لكم إلى ما حرمه عليكم. ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون لأنفسهم. والذي يظلم زوجته يكون قد خان امانة الله. وظلم بذلك نفسه. والرابطة الزوجية امتن الروابط وأحكمها، وهي أساس بناء المجتمع. ولقد حذّر النبي الكريم النساء من الإساءة إلى أزواجهن، فقد روى احمد والترمذي والبيهقي عن ثوبان انه صلى الله عليه وسلم قال: «أيّما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة».

.تفسير الآية رقم (230):

{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)}
لقد دخل تفسير هذه الآية الكريمة في الآيى التي قبلها {الطلاق مرتان..} وملخصه: إن من طلّق زوجة مرّتين بعدهما رجعتان ثم طلقها ثالثة حَرُمت عليه حتى تتزوج من غيره ويطلقها الأخير فتعتد منه.

.تفسير الآية رقم (231):

{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)}
بلغن اجلهن: آخر عِدتهن.
ولا تمسكوهن ضِراراً: أي قصدَ الإضرار بهن.
واذا طلقتم النساء وقرب انتهاء عدتهن، فاعزموا احد الأمرين: امساك بالمعروف، قاصدين اقامة العدل وحسن العشرة. أو طلاق بالمعروف حتى تذهب المرأة في حال سبيلها. ولا تمسكوهن ضِراراً لتعتدوا. اذ لا يجوز ان يكون القصد من المراجعة إلحاق الضرر بها حتى تلجئوهنا إلى افتداء نفسها. من يفعل ذلك فقد ظلم نفسه في الدجنيا. بسلوك طريق الشر وحرمان نفسه سعادة الجياة الزوجية. واستحق سخط الله عليه.
{وَلاَ تتخذوا آيَاتِ الله هُزُواً}
وفي هذا وعيد لمن يتهاون في الأحكام التي شرعها الله لعباده.
{واذكروا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ} بتنظيم الحياة الزوجية تنظيما عاليا، وبما انزل عليكم من كتاب مبين للرسالة المحمدية وما فيها من حكم وقصص تتعظون بها وتهتدون.
{واتقوا الله} بامتثال أمره ونهيه في أمر النساء وتوثيق الصلة الزوجية.
{واعلموا أَنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فلا يخفى عليه شيء مما يُسرّ العبد أو يعلنه وهو مجازيكم بما كنتم تعلمون.

.تفسير الآية رقم (232):

{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)}
فلا تعضلوهن: لا تمنعوهن عن الزواج. أزكى: أطهر.
كان من عادات العرب في الجاهلية ان يتحكم الرجال في تزويج النساء، إذ لم يكن يزوّج المرأة الا وليُّها، وقد يزوجها بمن تكره، ويمنعها ممن تحب، ولمصلحته هو.
اخرج البخاري وأبو داود والترمذي عن معقل بن يسار قال: كان لي أخت فأتاني ابن عم لي فأنكحتها أياه. فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقة ولم يراجعها حتى انقضت عدتها. ثم خُطبت إلي فأتاني مع الخُطاب يخطبها، فقله له: خُطبت إليّ فمنعتها الناس فآثرتك. ثم إنك طلقتها طلاقا لك فيه رجعة. فلما خُطبت إليَ أتيتني تخطبها مع الخطاب! والله لا ترجع إليك أبدا.
وكان لا بأس به، وكانت المرأة تريد ان ترجع اليه، فعلم الله حاجته اليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل الله الآية. قال/ ففيَّ نزلت، فكفّرت عن يميني وأنكحتها اياه.
ومعنى الآية: يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم النساء وانقضت عدتهنّ وأراد أزواجهن أو غيرهم أن ينكحوهنّ وأردن هن ذلك فلا تمنعوهن من الزواج. هذا إذا رضي كل من الراجل والمرأة بالآخر زوجا، على حسن العشرة. ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله وباليوم الآخر، وهو أدعى إلى تنمية العلاقات الشريفة في مجتمعكم وأطهر في نفوسكم من الادناس والعلاقات المريبة. والله يعلم من مصالح البشر وأسرار نفوسهم ما لا تعلمون.